
في خطوة صادمة أثارت ردود فعل دولية واسعة، قررت حكومة المجر بقيادة فيكتور أوربان في أبريل 2025 الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، ولم تكتفِ بذلك، بل وجهت دعوة إلى بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل المطلوب للمحاكمة، في خطوة تُعد دعماً صريحاً لسياسات النظام الصهيوني الإجرامية. وقد أدانت مؤسسات حقوق الإنسان والمدافعون عن العدالة الدولية هذا الانتهاك الصارخ للالتزامات الدولية وحقوق الإنسان بأشد العبارات.
تقويض العدالة الدولية؛ اصطفاف المجر مع مجرمي الحرب
أدانت منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، هذا القرار، واعتبرته خطوة خطيرة نحو تقويض آليات العدالة العالمية. وأكدت أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، مشيرة إلى جرائم النظام الإسرائيلي في غزة: «الترحيب بنتنياهو يُعد تأييداً للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي».
كما وصفت الاتحاد الأوروبي هذا القرار بأنه "غير قانوني وسياسي"، محذراً من أن هذه الخطوة ستضر بمكانة المجر على الساحة الدولية. ومع ذلك، فإن الموقف الغامض لبعض دول الاتحاد مثل ألمانيا وفرنسا تجاه احتمال اعتقال نتنياهو يكشف عن ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع جرائم إسرائيل.
نموذج خطير لخرق الحصانة ومساندة المجرمين
انسحاب المجر من المحكمة الجنائية الدولية ودعمها العلني لمسؤولين متهمين بارتكاب جرائم حرب قد يشكل نموذجاً خطيراً لدول أخرى. ولا يُعد ذلك تهديداً لشرعية المؤسسات الدولية فحسب، بل يُمهّد الطريق لحصانة مجرمين مثل بوتين ونتنياهو.
على المجتمع الدولي أن يتصدى لهذا التحدي الخطير. فإذا تمكنت المجر وحلفاؤها من تجاهل أوامر المحكمة الجنائية الدولية دون دفع ثمن باهظ، فما الضمانة المتبقية لتحقيق العدالة بحق مجرمي الحرب؟
ضرورة ردّ دولي حازم
يؤكد خبراء القانون الدولي أن الرد الوحيد القادر على كبح هذا الاتجاه الخطير هو اتخاذ موقف دولي حازم. ويجب أن تشمل الإجراءات عقوبات سياسية واقتصادية ضد المجر، وتعليق حقوق عضويتها في المؤسسات الأوروبية، وتكثيف الضغط من الرأي العام العالمي لإرسال رسالة واضحة لجميع منتهكي حقوق الإنسان: لن يفلت أي مجرم من العدالة.
فما قامت به المجر ليس قراراً مستقلاً، بل جزء من مؤامرة أوسع لتدمير آليات العدالة الدولية. وإذا بقي العالم صامتاً أمام هذه التصرفات، فإننا سنشهد قريباً انهياراً كاملاً للقانون الدولي وهيمنة الطغيان والجرائم.