
أعاد تقرير الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان في موريتانيا لعام 2024 فتح الجدل داخليًا، حيث انقسمت النخب بين من اعتبره شهادة دولية تكشف حقيقة الانتهاكات وتؤكد الحاجة الملحّة لإصلاحات عميقة، وبين من قلّل من أهميته واعتبره مجرد وثيقة روتينية تصدر كل عام ولا تستحق التوقف عندها.
التقرير، الذي يحظى بأهمية خاصة لكونه يصدر عن واشنطن ويؤثر في صورة البلاد أمام شركائها الدوليين، أشار إلى استمرار الاعتقالات التعسفية، وتقييد حرية الصحافة، وتواصل مظاهر العبودية والتمييز الاجتماعي، مع غياب المساءلة الفعلية رغم وجود القوانين.
وبينما يرى المؤيدون أنه يضع السلطة أمام مسؤولياتها ويعزز ضغوط الإصلاح، يرى المنتقدون أنه ليس سوى أداة ضغط سياسي تعكس مقاربات خارجية أكثر مما تعكس الواقع الموريتاني.
وقد أكد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان في موريتانيا لعام 2024 أن الانتهاكات ما تزال قائمة، رغم الإصلاحات القانونية والمؤسساتية التي أعلنتها الحكومة.
وأشار التقرير، الذي أثار جدلاً واسعاً في نواكشوط، إلى استمرار القتل خارج القانون، الاعتقالات التعسفية، وتقييد حرية التعبير، إضافة إلى ضعف حماية حقوق العمال وبقاء مظاهر العبودية الموروثة.
ورصد التقرير أخطر الانتهاكات في وفاة أربعة محتجزين بكيهيدي خلال احتجاجات يوليو 2024 من دون فتح تحقيق رسمي، كما ذكّر بقضية الناشط الصوفي ولد الشين الذي قُتل عام 2023 في مخفر شرطة، معتبراً أن الأحكام الصادرة لم تُنهِ ثقافة الإفلات من العقاب.
وفي مجال الحريات، انتقد التقرير استخدام قانون الرموز الوطنية ضد المعارضين والمدونين، وتسجيل اعتقالات في صفوف نشطاء وصحافيين، ما ضيّق هامش التعبير وأضعف الصحافة المستقلة.
أما في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، فأشار التقرير إلى تعطيل الانتخابات النقابية منذ 2014، وتكدس أكثر من 2000 نزاع مهني أمام المحاكم، في وقت يغلب فيه الطابع غير الرسمي على سوق العمل، وتواجه النساء والأقليات تمييزاً ممنهجاً.
وخَلُص التقرير إلى أن الإشكال لا يكمن في النصوص القانونية، بل في ضعف التنفيذ وغياب المحاسبة، مؤكداً أن عام 2025 سيكون اختباراً حقيقياً لمدى جدية السلطات في الانتقال من الشعارات إلى التطبيق الفعلي للإصلاحات.