وإذا بالثورات التي قامت على الظلم والطغيان وغياب العدالة الإجتماعية والفساد وتوريث الأبناء الحكم، تكتسحها وبقدرة عظيمة للدول العميقة ثوراتها المضادة، وتولى شؤون العرب سفهاء القوم وهم أبناء الحكام أو إمتداد لهم.
هذه عناوين هلامية تحمل في طياتها محاولة لتبرئة الرئيس من أخطاء وكوارث مؤسسات الدولة التي يعرف الجميع أنه يتدخل في كافة تفاصيلها لدرجة يكاد يعود إليه فيها تعيين البواب والفراش.
لو حرص إخوتنا الموريتانيون على تجويد السياسة في بلادهم تجويدهم اللغة العربية وطلبوا رشد الحكم طلبهم صفاء الكلام لا تعلق به عالقة من خطأ لأصبحوا مثالا تتوسمه سويسرا وتتطلع اليه بريطانيا وكل الديمقراطيات العريقة والناشئة. لكنهم اختاروا باب اللغة وسدانتها وفي هذا خير كثير لللغة العربية.
عندما فوجئ الموريتانييون بقرار قطع النظام هناك للعلاقات مع دولة قطر الشقيقة،فاندفعوا في الرد على القرار/العار بأنه لا يمثلهم، بدأت - تحت هول الصدمة- أفتش في ثنايا ذاكرتي عن أي قرار لهذا النظام كان يمثلني، فازداد تعبي، وما تذكرت!
لم تكن الأزمة الخطيرة التي نعيشها اليوم بين الأشقاء الخليجيين أول الأزمات التي عصفت وتعصف بمنطقتنا العربية، لكن يمكن القول إنها الأخطر على النسيج الداخلي للمسلمين السنة في مشارق الأرض ومغاربها.
لايزال المدركون للذاكرة الجمعية أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز شخصية فارقة في التاريخ السياسي الحديث للجمهورية الاسلامية الموريتانية ، فالرجل كاريزمي في قراراته النابعة من رؤية شمولية للحاضر والمستقبل.