ولدت موريتانيا ككيان مجهول الصفة وبقيت تدار طيلة فترة التربص من السنغال وعاصمتها سينلوي قبل منحها الحكم الذاتي وبعده الاستقلال على طبق من ذهب رغم تحديات الطامعين من كل فج وصوب وواكبتها قوة الاستعمار حتى وقفت على رجليها كدولة وليدة تواجه بطبيعة الحال تحديات جمة ومتجذرة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي تم التغلب على معظمها خاصة
سهرت وأنا مراهق في الثانوية على حوار إذاعي مساء الانتخابات الرئاسية سنة 1992 تخللته بعض النتائج الأولية؛ شارك في الحوار الكاتب الصحفي صاحب الأخلاق الدمثة والثقافة العالمة المأسوف عليه محمد فال ولد عمير وكان حينها رئيس تحرير إحدى أهم الصحف الحرة الناطقة بالفرنسية في البلد؛ ويمثل صوت المعارضة في ذات الحوار.
لا شك أننا جميعا حين نستمع إلى تطاول البعض على معالي الوزير محمد أحمد ولد محمد الأمين، نتذكر قول أبي العلاء المعري في لاميته المشهورة:
إذا عير الطائي بالبخل مادر *** وعير قسا بالفهاهة باقل
وقال السهى للشمس أنت ضئيلة *** وقال الدجى يا صبح لونك حائل
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنب أجدر أن يعجّل لصاحبه العقوبة مع ما يدخر له، من البغي، وقطيعة الرحم". رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني. وتدور معاني البغي في حزمة من المنكرات منها الظلم، والكبر، ومجاوزة الحدّ، والاستطالة على الناس.
بعد يوم من التنافس الانتخابي اتسم في كثير من مناطق البلاد بضعف الإقبال خاصة في فترات النهار الأولى؛ وبعد حملة انتخابية كثرت فيها المبادرات والتظاهرات التي اكتسى أغلبها مظهر الخدعة البصرية والولاء العكسي المبطن، بعد ذلك كله ظهرت النتائج الأولية والتي تقدمت رويدا رويدا إلى إظهار الحسم وانجلاء الحقيقة التي عبر عنها الناخبون في صناد
" الصمت الانتخابي" لم يبوب عليه الأمر القانوني رقم 91-027 بتاريخ 7 أكتوبر 1991 المتضمن للقانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، المعدل؛ حيث جعلت (المادة 9) منه مدة الحملة الانتخابية خمسة عشر (15) يوما فنصت على: "تفتتح الحملة الانتخابية 15 يوما قبل الدور الأول من الاقتراع وتختتم عشية يوم الاقتراع عند الساعة صفر"
مخطئ من ظن أن تجربة "عثمان سونكو" و "باسيرو ديوماي فاي" في السنغال يمكن استيرادها إلى موريتانيا. هناك ثابت معرفي تقر به كل العلوم الاجتماعية، وهو أن لا مجتمع يتطابق كليا مع مجتمع آخر نظرا لاختلاف المحددات التاريخية والثقافية والاقتصادية.