تقرير «لهيومن رايتس ووتش» ينتقد وضعية حقوق الإنسان في موريتانيا

خميس, 02/15/2018 - 00:56

حثت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الدولية الحقوقية في تقرير عرض في نواكشوط أمس أريك غولدستين نائب مديرتها لشمال أفريقيا «حكومة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على مراجعة حالة حقوق الإنسان في موريتانيا بما يضمن إطلاق سراح معتقلي الرأي، ومنح الحرية الكاملة للتجمعات والتظاهرات السلمية».
وتناول هذا التقرير في سبعين صفحة ما سمته المنظمة «تعامل السلطات الموريتانية مع المنظمات التي تترافع ضد التمييز العرقي والطائفي، والرق وإرثه، وانتهاكات الماضي الجسيمة التي استهدفت جماعات إثنية معينة، وقياس درجة حرية هذه المنظمات في التعبير عن نفسها، وفي التجمع، وفي التنسيق فيما بينها، إضافة للتدابير القمعية والتقييدية التي تواجهها». 
غير أن كشف أريك غولدستين نائب مديرة منظمة «هيومان رايتس ووتش» لشمال أفريقيا في مقابلة صحافية أمس عن استفادة المنظمة من دعم مالي من رجل الأعمال الموريتاني محمد بوعماتو، هز مصداقية التقرير وجعل المنظمة في مرمى ضربات المدونين الذين اعتبروها «متمالئة مع معارضة الخارج لتشويه سمعة البلد».
ووجهت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقريرها عدة توصيات لحكومة نواكشوط بينها «إلغاء إدانة محمد الشيخ ولد امخيطير (مدون متهم بالردة والإساءة للرسول عليه السلام)، وإطلاق سراحه فورا دون قيد أو شرط، مع الإفراج عن ناشطي حركة «إيرا» (منظمة ناشطة في مجال محاربة الرق)، وهما عبد الله السالك وموسى بلال بيرام، اللذان يقضيان عقوبة السجن عامين بعد محاكمة غير عادلة، حسب التقرير، لم تحقق خلالها المحكمة في مزاعم التعذيب، ومنحهما محاكمة جديدة وعادلة، إذا اقتضى الأمر ذلك».
وحث التقرير كذلك «حكومة نواكشوط على إلغاء جميع أحكام القانون الجنائي التي تنص على عقوبة الإعدام، بما في ذلك المادة 306 التي تُجرم «الزندقة»، والتي ينبغي عدم تجريمها، حسب رأي المنظمة، وكذا بإلغاء جميع أحكام قانون مكافحة الإرهاب التي يمكن أن تُستخدم، في تعريف «الإرهاب»، بشكل فضفاض وغامض، مثل التحريض على التعصب الإثني، أو العرقي، أو الديني، في محاكمة التعبير السلمي».
وتعرض لملف الإرث الإنساني في موريتانيا وهو ملف بالغ الحساسية، حيث أوصى «بإلغاء جميع أحكام قانون العفو لعام 1993، الذي يحول دون التحقيق مع المسؤولين عن الانتهاكات الحقوقية الخطيرة خلال الفترة المعروفة باسم «الإرث الإنساني» ومتابعتهم قضائيا».
وشدد التقرير على «احترام الحق في التجمع السلمي من خلال السماح بالتجمعات العامة، إلا إذا كان هناك خطر واضح على الأمن الوطني أو النظام العام، أو إذا كانت القيود مطلوبة بشكل خاص وفقا لضرورات الوضع، مع ضمان ألا يجبر المنظمون على طلب الترخيص لتنظيم مظاهرات، بل أن يخضعوا ببساطة لمتطلبات معقولة كإشعار السلطات بالاحتجاجات المخطط لها». وأوصت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحكومة الموريتانية على «ملاءمة جميع التشريعات، بما فيها المواد 57-58 من القانون الجنائي، مع أحكام قانون مكافحة التعذيب لعام 2015، الذي يمنح المعتقلين الحق في الاستعانة بمحام منذ بداية أي فترة احتجاز»، كما أوصت «بتعديل المواد 5 و6 و9 من مشروع قانون الجمعيات، بما يمكن من أمرين هما إلغاء شرط تسجيل منظمات المجتمع المدني، أو جعل عملية التسجيل سريعة، سهلة، وغير مكلفة».
وتحدث مطولا عن ظاهرة الرق في موريتانيا فأكد «أن هناك تباينا كبيرا بشأن مدى حفاظ «الحراطين» (الأرقاء السابقون) على علاقات الخنوع والاستقلال مع «أسيادهم» التاريخيين، إذ لا توجد أرقام موثوقة بشأن عدد الموريتانيين الذين يعيشون اليوم في ظروف تشبه الرق التقليدي، وأولئك الذين يعانون من أشكاله الحديثة، مثل الحالات الاستغلالية للعمل المنزلي ورعي الحيوانات». 
كما تناولت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقريرها مسألتي مصادرة الأراضي وحقوق المواطنة، وكذا القيود المفروضة على المجتمع المدني.
وأكدت «هيومن رايتس ووتش في تقريرها «أن السلطات تستخدم مجموعة واسعة من القوانين القمعية وغيرها من التدابير لمعاقبة وعرقلة أنشطة الجمعيات والأفراد، الذين يتحدثون عن بعض القضايا الأكثر حساسية في البلاد والمتعلقة بالعدالة الاجتماعية».
وأعدت المنظمة تقريرها هذا الذي ينتظر أن ترد عليه الحكومة الموريتانية عبر زيارات قامت بها بعثاتها لنواكشوط في فترتيّ 23-29 مارس/آذار و17-23 أكتوبر/تشرين الأول 2017، مؤكدة «أن بعثاتها لم تواجه أية عقبات في تحركاتها أو اجتماعاتها».
هذا وجاء اعتراف أريك غولدستين رئيس بعثة منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى موريتانيا ونائب مديرتها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مقابلة مع صحيفة «أخبار أنفو» الموريتانية المستقلة أمس بتلقي المنظمة تمويلا من رجل الأعمال الموريتاني المعارض محمد ولد بو عماتو، ليؤثر على صدقية التقرير داخل أوساط المدونين الموريتانيين.
وأكد أريك «أن رجل الأعمال بوعماتو لا يملي على المنظمة أي شروط، كما أن دعمه لنا ليس محددا بدولة معينة».
وقال «بوعماتو واحد من آلاف المانحين، وهو يدعم عملنا في أفريقيا والشرق الأوسط، ولا يملي علينا شروطا، ودعمه لنا ليس محددا بدولة ما، وهذا الدعم لا يعطيه حقا معينا للتدخل في تحديد العبارات، أو المواضيع التي نعالج، فنحن من يقرر ذلك».
وأضاف غولدستين قائلا «نفسه الأمر ينطبق كذلك على باقي المانحين، صحيح أنه هناك أناسا لديهم مصالح خاصة، ولكن على كثرتهم، لا يمكن لأي منهم أن يملي علينا منهجنا، وخطنا، ولا المواضيع المعالجة».
وقال «لقد نشرنا تبرع بوعماتو على موقعنا على الإنترنت، في البيان الذي أعددناه حول سجن السيناتور ولد غده، حيث أوضحنا أنه يعتبر أحد المانحين لنا، وأنه واحد من آلاف المانحين».