تداعيات تحديد المغرب لحدوده البحرية مع إسبانيا وموريتانيا

أربعاء, 12/18/2019 - 00:36

بعد موافقة البرلمان المغربي، أمس الإثنين، على قانونين يحددان لأول مرة مجاله البحري مع إسبانيا وموريتانيا، ويدمجان بشكل قانوني الصحراء الغربية لمياهه الإقليمية. سجل خوسيه ميغيل باراجان، المتحدث باسم المجموعة القومية الكنارية، اليوم الثلاثاء، طلب عقد جلسة عامة غير عادية للحكومة الإقليمية للإبلاغ عن الإجراءات التي ستتخذها فيما يتعلق بتعيين الحدود البحرية للمغرب.

وأعرب خوسيه ميغيل باراجان، في بيان اطلعت “القدس العربي” عليه، عن اهتمامه بمعرفة الإجراءات المزمع اتخاذها أيضا بالتعاون مع الحكومة المركزية بمدريد، كما طلب من المدير التنفيذي لجزر الكناري شرح التداعيات التي يمكن أن يتخذها القرار المغربي بشأن الأرخبيل.

وقدم السيناتور عن جزر الكناري المتمتعة بالحكم الذاتي، فرناندو كلابيجو، صباح الثلاثاء، سؤالا مكتوبا في مجلس الشيوخ يطالب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بالإبلاغ عن القرار الأحادي الجانب للمغرب بتحديد الحدود البحرية دون حوار قبل ذلك، وكذلك حول الإجراءات التي تعتزم حكومة إسبانيا القيام بها، سواء داخل الأمم المتحدة، أو مع حكومة المغرب نفسها، لتجنب تجاوز المبادرة التي وافق عليها البرلمان المغربي.

بالإضافة إلى ذلك، طالب السيناتور بمعرفة المناطق الحدودية البحرية المتأثرة بقرار البرلمان المغربي، معتبرا أن “كل شيء يشير إلى أن جزر الكناري تقع ضمن الحدود الجديدة التي وضعها المغرب من جانب واحد”.

ووصف وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الذي قدم القانونين، يوم الإثنين، إلى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب (الغرفة الأولى) في البرلمان، الأمر بأنه “تاريخي” و”سيادي”.

وعندما يتم إقرار القانونين بالإجماع من قبل جميع المجموعات في اللجنة، يعتبر تمريرهما خلال الجلسة العامة مجرد إجراء.

وأوضح بوريطة أن هذه النصوص تحدد حدود 12 ميلًا من المياه الإقليمية، و200 ميل من المنطقة الاقتصادية الخاصة، و350 ميلا من الجرف القاري لمواءمة قوانين المغرب الداخلية مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

وقد أقر الوزير بأن هذا الترسيم “يمكن أن يخلق مشاكل التداخل” مع الدولة المجاورة أسبانيا، لكنه أصر على أنه يمكن معالجة هذه القضايا من خلال الحوار. وقال “المغرب لا يفرض سياسة الأمر الواقع، ولا يغلق الحوار مع إسبانيا ولا موريتانيا لحل أي مشكلة من خلال الاجتماع”.

وشدد بوريطة على أن لبلاده “علاقات إيجابية للغاية” مع إسبانيا، وأضاف أن أي سؤال ينشأ عن تداخل الحدود البحرية مع جزر الكناري أو مع منطقة البحر المتوسط في الشمال يمكن معالجته من خلال الحوار وفي إطار الشراكة التي توحد البلدين.

وكرر صاحب حقيبة الخارجية في الحكومة المغربية، مرارا وتكرارا أن بلاده “منفتحة على الحوار” مع إسبانيا بشأن هذه القضية.

ويرجع تاريخ القوانين المنظمة للفضاء البحري للمغرب إلى عامي 1975 و1982 وكان الحد الأقصى لها في الجنوب؛ مدينة طرفاية، ولكن مع المراجعة التنظيمية الجديدة المعتمدة اليوم، يمد المغرب حمايته القانونية على الفضاء البحري الذي يشمل الصحراء الغربية إلى مدينة لكويرة، وفي الشمال الشرقي حتى السعيدية، الحدود مع الجزائر.

وقال بوريطة “يمتد المغرب سيادته على فضاءه البحري للتأكد من أن مسألة السيادة الإقليمية وسيادته على مياهه يحلها القانون”. وأصر على أن بلاده ليست مستعدة في المستقبل للتفاوض على أي اتفاق دولي لا يشمل سيادتها الإقليمية، في إشارة إلى الصحراء الغربية، التي لا يزال وضعها القانوني النهائي في انتظار الحل.

من جانبه، وصف النائب البرلماني، خوان مانويل غارسيا راموس، هذه القضية بأنها “تبعث على القلق، بالنظر إلى الموقف الإسباني الضعيف، عكس المغرب، الذي لم يتردد في تعيين حدود مياهه الإقليمية”، معتبراً أنه يجب على الدولة الإسبانية تثير احتجاجا أمام المغرب، وتناقش الأمر في لجنة ثنائية تابعة لجزر الكناري.

وإذا لم تقم الدولة بإضفاء الطابع الرسمي على هذا الاحتجاج “فلن يلحق الضرر بحقوق ومصالح جزر الكناري عن طريق تداخل هذا التحديد الجديد مع المساحات البحرية للأرخبيل، بل سيُذعن للموافقة الأحادية المغربية”، يقول البرلماني، ورئيس الحزب القومي الكناري.

من جهة أخرى، وفي تموز/ يوليو 2017، نددت جبهة البوليساريو بقانون أصدره المغرب يدرج بموجبه المياه الواقعة بين الصحراء الغربية وجزر الكناري ضمن المياه المغربية الإقليمية، واعتبرت ذلك “باطل ولاغٍ”.

جبهة البوليساريو، آنذاك، اعتبرت أن مشروع القانون المغربي الذي -صادق عليه أمس البرلمان بالإجماع- يشكل “خرقا للقانون الدولي”، و “انتهاكا لقرار محكمة العدل الدولية ومحكمة العدل الأوروبية”؛ القاضيين بأن الصحراء الغربية والمغرب “إقليمين مختلفين ومنفصلين”.

وظلت المياه المقابلة لإقليم الصحراء الغربية، غير محدَّدة الحدود منذ العام 1975.

وصادق المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة “مونتيغو باي” لقانون البحار عام 2007، وكان أمامه مدة أقصاها عشر سنوات لتحديد جرفه القاري.

هذا، ومنذ عام 1975 بعد الاتفاقيات الثلاثية، الموقعة في الـ14 من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1975، والتي تنازلت فيها إسبانيا عن سيادة الصحراء الغربية للمغرب وموريتانيا، والصراع قائم على الإقليم؛ بين المغرب والبوليساريو.

وبعد حرب سنوات عديدة، وفي عام 1991، تم توقيع وقف لإطلاق النار بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، وتعهدا بإجراء استفتاء لتقرير المصير تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو)، لكن منذ ذلك الحين والخلافات حول التعداد وأحقية التصويت مستمرة.