كرة القدم تجمع في موريتانيا ما فرقته السياسة من مواقف وأهواء

ثلاثاء, 11/20/2018 - 00:59

 لأول مرة يتفق الموريتانيون الذين تفرقهم السياسة إلى أبعد الحدود، على الاحتفال موحدين بمناسبة واحدة، فقد تواصلت اليوم الإثنين حفاوة الكل- موالاة ومعارضة- بأول تأهل يحرزه الفريق الوطني الموريتاني «المرابطون» (هدفان مقابل 1 لبتسوانا)، لنهائيات كأس إفريقيا للأمم، المقرر تنظيمها في الكمرون ما بين 15 حزيران / يونيو، و13 تموز / يوليو 2019. غير أن الاحتفالات بهذا التأهل نغصها جدل احتدم على شبكة التواصل بعد أن أسند مدونون موالون انتصار الفريق الموريتاني إلى بركات الرئيس، فأيقظ ذلك مدونين معارضين سارعوا لانتقاد هذا الإسناد. وكتب جمال ولد البشير وهو مدون معارض: «الحقيقة أننا انتظرنا سنين عدداً حتى يولد جيل من أبناء المهاجرين الموريتانيين في فرنسا، ولدوا في فرنسا ولعبوا في شوارعها كرة القدم، وانتقتهم مدارس كروية وهم صغار لا يتكلمون اللهجات المحلية، بل يتكلمون الفرنسية بلكنة فرنسية وليس باللكنة الإفريقية، لعبوا في فرق أوروبية كبيرة ليست لديهم تلك العقدة الملازمة للاعب المحلي حين يلعب ضد المغرب أو الكاميرون أو مصر». ورد المدون الموالي محمد عالي الولي على المعارض جمال قائلاً: «هذا نقد أثّرت فيه العاطفةُ السياسية على المنطق الرياضي الواقِعي؛ فرئيس الاتحادية الموريتانية لكرة القدم ولد يحي قام، على علاّته، بعملٍ واضحٍ للعيان من ضمنه إنشاء أكاديمية للفئات العمرية، وهي أهم لبِنة في أي مشروع كروي ذي نظرة استشرافية، وهو أهم من جلب المهاجرين أو تجنيس الأجانب، مروراً بتحسينِ التنافسية داخلَ البطولة المحلية ومدِّها ببعض المعدات اللوجستية وتنظيم البطولةِ تنظيماً مقنعاً إلى حدٍّ ما، وهو ما نرى نتائجه تتمثل في احتراف عدة لاعبين في السنوات القليلة الماضية خارجياً». أما محمد ولد دحان، رئيس حركة «محال تغيير الدستور»، فكان سياسياً أكثر منه رياضياً، حيث نشر صورتين إحداهما لبوتسوانا والأخرى لموريتانيا، وعلق عليهما قائلاً: «في الصورة موريتانيا وبوتسوانا: فأي الشعبين يحق له أن يحتفل؟ وأي الشعبين سوف يطول احتفاله ؟ وأيهما لن يتجاوز حفله «ظلمة ليلة واحدة ؟» في الصورتين يوجد نصر حقيقي وهزيمة حقيقية؛ لا والله لن نحتفل معكم لأن مستقبل أمتنا وحاضرها مجرد كرة يتقاذفها العسكر في ملعب الفساد». وقال: «حين عجز الشباب عن تحقيق سعادته عبر تعليم جيد، يفتح أمامه آفاق المتعة الثقافية والفنية، وحين يئس من عدالة اجتماعية، توفر له عملاً يمتص طاقاته الكامنة ويوفر له حياة كريمة، ها هي آلة الدعاية المخزنية توجه اهتماماته إلى مباراة كروية بتصويرها على أن تشجيع المنتخب فيها هو قضية وطنية؛ كل هذا من أجل إفراغ طاقاتهم وتبديد قدراتهم في قضايا جانبية، تنسيهم همومهم الحقيقة ومشاكل حياتهم اليومية». «هكذا، يضيف ولد دحان، كان يفعل الرومان منذ آلاف السنين، حيث كان الملك ينظم في أغلب أيام السنة ألعاباً ومباريات من أجل أن يعيش الشعب سعادة وهمية وبأقل ثمن، وبالتالي ينسيهم همومهم الحقيقة من مأكل ومشرب وصحة وتعليم، وعلى أثر الرومان سارت الأنظمة الدكتاتورية خوفاً من ثورات شعبية». أما الكاتب إسلمو أحمد سالم فقد علق بقوله: «في وطني منذ لحظات اختفت الألوان والأعراق، وتزاحمت الأفكار والصور؛ في وطني منذ لحظات، كان هناك لون واحد هو لون العلم الوطني، وعرق واحد هو الانتماء للوطن، وأنشودة واحدة، هي النشيد الوطني». وأضاف: «فاز المرابطون وتأهلوا، وهرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية».

عبد الله مولود «القدس العربي»: