شوط ثالث في أكبر بلديات نواكشوط بين الحزب الحاكم والإسلاميين

سبت, 10/06/2018 - 03:37

« القدس العربي»: لم تخمد لحد الساعة نيران الانتخابات البلدية في موريتانيا رغم مضي أكثر من أسبوعين على شوطها الثاني، فقد أصدرت المحكمة العليا في موريتانيا أمس قراراً بإعادة الانتخابات لشوط ثالث في بلدية عرفات، أكبر بلديات العاصمة، بين حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم والتجمع الوطني للإصلاح (محسوب على الإخوان).
وتعد هذه الانتخابات المعادة أول مرة ينظم فيها شوط ثالث في الانتخابات الموريتانية منذ سنوات عديدة.
وكان الإسلاميون الذين تشكل بلدية عرفات مركزًا أساسيًا وقديمًا من مراكز حضورهم السياسي، قد فازوا في الشوط الثاني الذي نظم منتصف شهر سبتمبر الماضي على الحزب الحاكم، لكن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم تقدم أمام المحكمة، بطعن في نتيجة بلدية عرفات، وهو ما قبلته المحكمة العليا وأصدرت قرارها بإعادة الاقتراع في هذه البلدية الهامة.
وسبق لحزب التجمع الوطني للإصلاح التنمية «تواصل»، قد أعلن قبل صدور قرار المحكمة الخاص بتنظيم الشوط الثاني «استشعاره للخطر من خلال ما أكد أنه «تدخل سافر للسلطة التنفيذية وقيادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، في عمل المحكمة العليا بهدف التأثير على قراراتها».
وأوضح الحزب في بيان صحافي «أن نتائج إعادة الفرز أثبتت في كل من عرفات والميناء نجاح لائحة تحالف المعارضة».
وأضاف الحزب المعارض «أن عمليات إعادة الفرز على مستوى بلدية عرفات، انتهت منذ أزيد من أسبوع»، مستغربًا «التأخر الحاصل في إعلان موقف المحكمة العليا من النتائج النهائية لبلدية عرفات».
وأضاف «إننا نستشعر الخطر في هذا التأخر الذي يشي بنية مبيتة للنظام وإرادته لتوجيه المسار وجهة أخرى من خلال الضغط على المحكمة العليا وتوجيه حكمها لصالح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، ونعلن من الآن رفضنا لأي قرار لا يتصف بالعدل والإنصاف يتخذ تحت الضغط والإكراه».
وندد الحزب بما سماه «تدخل السلطة التنفيذية وقيادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية السافر في عمل المحكمة العليا وتوجيهاتهم المستمرة المنشورة أحيانًا على مسؤوليتهم بهدف التأثير على قرارات هذه المحكمة».
ودعا الحزب «القوى المعارضة لتوحيد الجهود والوقوف بقوة وحزم في وجه المخاطر الحقيقية التي تهدد الديمقراطية ومؤسساتها في البلد والمجسدة في خرق الدستور، فيما يتعلق بالموعد المحدد لافتتاح الدورة البرلمانية، والاستمرار في اعتقال سجناء الرأي وعلى رأسهم النائب بيرام الداه اعبيدي، والمتابعات الظالمة للشيوخ ورجال الأعمال والنقابيين والإعلاميين، وإغلاق المؤسسات التعليمية ومضايقة رموز الوطن والأمة».
وعلق سيدي محمد ولد محم، رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، في تغريدة له أمس على قرار المحكمة بخصوص إعادة الانتخابات في بلدية عرفات قائلًا «قرار المحكمة العليا برفض طلبنا في السبخة، وقرارها اليوم بإعادة الانتخابات في الميناء وعرفات طبعهما التعسف البيّن».
‏وقال «ذلك أن جدارتنا بخوض الشوط الثاني في الأولى وفوزنا في الميناء وعرفات كانا واضحين، ومظاهر التزوير لصالح الطرف الآخر والمعضدة بالبينات القطعية كانت قائمة».
أما القيادي الإسلامي الحسن ولد محمد، عمدة بلدية عرفات وزعيم المعارضة، فقد علق على قرار الإعادة بقوله: «يبدو أن معركة بلدية عرفات ما زالت مستمرة، وأن هناك من يتصامم عن إرادة السكان التي عبروا عنها أكثر من مرة».
وتابع: «سندرس مع هيئات الحزب والشركاء في المعارضة، والمستشارين القانونيين، كيف سنتعامل مع القرار الغريب وغير المبرر الصادر عن الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا القاضي بإعادة الانتخابات في عرفات، ونتعهد بحماية إرادة ناخبينا والعمل وفق الثقة التي منحونا، والأمانة التي حملونا، والله لن يخذلنا».
وأعرب محمد فال بلال رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات أمس عن أسفه العميق للقرار القاضي بإعادة الاقتراع في الميناء وعرفات، معتبرًا «أنه سباحة ضد التيار وصفعة في وجه انتخابات كانت أقرب إلى السلاسة والسلامة قدر المستطاع منها إلى التأزيم والتصعيد في بلد يحتاج إلى استعادة أنفاسه ولملمة أطرافه وترتيب أوراقه تحضيرًا لاستحقاق رئاسي وشيك».
«قد يكون لقرار الإعادة ما يبرره بالنسبة للميناء استنادًا إلى ضرورة كشف اللبس وإزالة الغموض الذي ألف بأحد مكاتبه، يضيف بلال، ولكنه محل استغراب بالنسبة لعرفات، حيث أكدت عمليات إعادة الفرز صحة النتيجة التي أعلنت عنها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وأنا أعتقد أن الحديث عن تزوير واسع النطاق يبرر إلغاء النتائج وإعادة الاقتراع في عرفات أمر مبالغ فيه أكثر من اللازم، هذا مع احترامي لمؤسساتنا الدستورية كافة وما يصدر عنها من قرارات، وخاصة القضائية منها».
ويصادف قرار المحكمة العليا إعادة الانتخابات في بلدية عرفات أزمة بين نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز وإسلاميي حزب التجمع، وهي الأزمة التي بدأت بانتقادات شديدة وجهها الرئيس للإسلاميين تلتها قرارات بإغلاق مركز علمي وجامعة يسيرهما الشيخ محمد الحسن ولد الددو الذي يعتبره البعض الأب الروحي لإخوان موريتانيا.