زعيم المعارضة في موريتانيا الحسن ولد محمد: البلد على فوهة بركان والحوار ضرورة وتعديلات الدستور لاغية(مقابلة)

أحد, 11/05/2017 - 00:37

يقود مؤسسة المعارضة ويتولى عمادة بلدية عرفات أكبر مقاطعات العاصمة، والكثيرون يعتبرونه الرئيس المقبل لحزب التجمع المحسوب على الإخوان.
إنه الحسن ولد محمد القيادي الإسلامي الهادئ في طبعه، المعتدل في طرحه، وإن كان ثائرا في تصريحاته وخرجاته الإعلامية.
التقته «القدس العربي» في خضم أزمة سياسية تمر بها موريتانيا حاليا يتوقع الكثيرون تطورها نحو أفق مجهول، فكان الحديث عن هموم بلده وهو يشعر بوجع الأزمة وانغلاق الآفاق.
تحدث عن تعديلات الدستور واعتبرها لاغية، وعن المخرج من الأزمة فاعتبره الحوار الجاد، كما عرج للحديث عن توتر علاقات موريتانيا والمغرب وعن قطع موريتانيا علاقاتها مع قطر، وتوقف مطولا عند شؤون وشجون سياسية أخرى. وهنا نص الحوار: 
○ بصفتك زعيما للمعارضة الديمقراطية في موريتانيا، ما هي قراءتك للأوضاع المستقبلية بعد إقرار التعديلات الدستورية وما صاحبها من تجاذبات؟
• أشكركم على هذه السانحة، وأود من خلال منبركم المحترم أن أقدم النقاط التالية جوابا على سؤالكم.
النقطة الأولى، أن هذه التعديلات غير الدستورية، وغير التوافقية لم تقر، بل هي معدومة واقعيا، لأن المعدوم شرعا وقانونا، كالمعدوم حسا.
وكما تعلمون فهي بدأت بشكل غير شرعي، وغير دستوري، وجاءت نتيجة لحوار غير توافقي، غيبت عنه أطراف فاعلة في المعارضة، وأوقف أعضاء مجلس الشيوخ المسار الذي بدأته الحكومة بأغلبية ساحقة.
ورغم حجم العقبات الدستورية، والسياسية التي تضافرت لحماية الوثيقة الأولى في البلاد، أصر الرئيس على مواصلة هذا المسار الأحادي، وتجاهل كل الدعوات التي نبهت إلى خطورته، وأكدت ضرورة وقفه حفاظا على أمن البلاد واستقرارها، وترشيدا لطاقاتها وأموالها لصرفها فيما هو أهم.
وكانت خاتمة هذا المسار إسقاط الشعب الموريتاني لهذه التعديلات من خلال مقاطعته الشاملة لمكاتب التصويت، حيث ظلت المكاتب خاوية على عروشها طيلة اليوم المخصص للتصويت، لتلجأ السلطات بعد ذلك للتزوير من أجل تمرير هذه التعديلات، وبذلك تعود السلطات لعهود وممارسات كان آخر عهد البلاد بها إبان حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.
ما أريد أن أصل إليه هو أن هذه التعديلات غير موجودة واقعيا، لأنها غير دستورية ولا توافقية ابتداء، ثم إن الشيوخ أسقطوها في المسار الأول، وكانت ضربتها القاضية على يد الناخبين الموريتانيين يوم 05 آب/أغسطس.
أما عن توقعي لمستقبل الأحداث، فما أراه وأدعو له، ودعوت له أكثر من مرة هو أن تتراجع السلطات عن كل إجراءاتها الأحادية، وأن تنظر بوطنية وعطف إلى هذا البلد، وهذا الشعب، وتنظم حوارا سياسيا جادا، وشاملا، يشارك فيه كل الموريتانيين، ليضعوا مجتمعين معالم الدولة التي يريدون، وقواعد التعاطي السياسي فيه، ونتجاوز لعبة ربح أحدنا على حساب الآخر، ونجاح أحدنا بخسارة الآخر إلى ربحنا جميعا، وفوزنا جميعا بإقامة وطن جامع، ودولة عادلة، ونظام ديمقراطي قوي، وتحقيق التناوب السلمي على السلطة بسلاسة وإجماع، وأن تكون محطة 2019 فرصة للبلد لأن نعبر به جميعا، والبلد بحاجة لنا جميعا، ولا يمكن أن يعبر إلى بر الأمان إلا بتضافر جهودنا، وبمشاركتنا كلنا.
وما أخشاه أن يواصل النظام عادته في ركوب رأسه، وفي السير في البلاد في مسار خاطئ، يعرض الجميع للخطر، ويدفع به فيما لا تحمد عقباه، وتصرفاته الأخيرة ـ للأسف ـ تؤشر لذلك.
○ لا يمكن للحكومة أن تتراجع عن نتائج الاستفتاء، كيف تتصورون تأثير ذلك على منعطف الانتخابات النيابية والبلدية وانتخاب المجالس الجهوية 2018 وعلى استحقاق الانتخابات الرئاسية 2019؟
• أعتقد أن الاستفتاء ونتائجه، وما وقع فيه، ثم ما تلاه من اعتقالات وتصرفات ضد شيوخ محترمين، ونقابيين بارزين، وصحافيين شرفاء، ورجال أعمال مشهورين أثبتت، وتثبت مدى عزلة النظام، وهي تصرفات ستزيد من هذه العزلة، وهو ما يؤكد أن تنظيم أي استحقاق توافقي، وشفاف ونزيه، سيكشف المزيد من عزلة هذا النظام، وسيظهر مواقف الجماهير في عموم البلاد منه.
○ ما المخرج الذي تتصورون أنه ينهي الأزمة القائمة؟ 
• كما أشرت في إجابتي على السؤال الأول، لا يمكن حل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ سنوات إلا بإزالة أسبابها، وعلاج جذورها، وهي، كما تعلمون، الأحادية السياسية، والإقصاء والتهميش، والتعامل مع الدولة كملك خصوصي، وفرض أجندة خاصة وشخصية للنظام ولشخصه الأول.
والحل كما أكدت أكثر من مرة هو في حوار شامل وتوافقي لا يستثني أي قوة سياسية أو اجتماعية، يناقش واقع البلاد بصراحة، ويتفق المشاركون فيه على حلول لكل مشاكلها دون إقصاء ولا تهميش، ويدفع بديمقراطيتها إلى الأمام، ويضمن التناوب على السلطة، ويجعل صناديق الاقتراع، وإرادة الشعب هي الحكم.
○ يعقد حزب «تواصل» مؤتمره قبل نهاية العام الجاري، هل صحيح أنكم ستخلفون الرئيس الحالي جميل ولد منصور؟ وهل سيقوى الحزب على خوض مغامرة التناوب متماسكا في ظرف عصيب؟ 
• يتميز حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل» بميزات كثيرة، أذكر منها ميزتين أشرتم لهما في الحقيقة في سؤالكم:
أولهما أن نظم وقوانين حزب «تواصل» تقوم على أساس الترشيح، وليس الترشح، وبالتالي فالمؤتمرون في المؤتمر المقبل هم من سيرشح، وهم من يمنح الفوز.
وعلى العموم، لا رغبة شخصية لدي لتحمل مسؤولية حزب بحجم «تواصل» ولا يمكنني ذلك وفقا للنصوص الحاكمة في الحزب.
أما الميزة الثانية، فإن حزب «تواصل» سيكون أول حزب سياسي في موريتانيا، يقر في نصوصه وجوب التناوب على قيادته، ونحن مدركون لأهمية هذا الاستحقاق، وحريصون على التنوع القيادي، وواثقون أنه سيكون أكثر أثرا في توحيد الحزب، وفــي تقوية مؤسساته أكثر من تأثير «الزعيم الأوحد».
صحيح أننا سنفقد الرئيس محمد جميل ولد منصور في موقف يصلح له، وقدم الكثير والكثير خلال وجوده فيه، لكننا سنربح الرئيس جميل منتسبا للحزب، وعضوا فاعلا في هيئاته، وسيواصل العطاء من الموقع الذي يضعه فيه المؤتمرون بعد أن أدى ما كلفوه به خلال المأمورية المنتهية.
○ ما تعليقكم على استمرار التوتر في علاقات موريتانيا والمغرب؟
• مؤسف جدا، حجم الاستقطاب الحاد بين الجارين الشقيقين المغرب والجزائر، وهو استقطاب أضر كثيرا بالمنطقة، وأعاق حلم الشعوب المغاربية في إقامة اتحاد مغاربي جامع، وقوي، يلبي طموحات الشعب الواحد في هذه البلدان، ويبني اقتصادا تكامليا بين هذه الدول.
موقع موريتانيا الطبيعي يجب أن يكون الدفع في اتجاه الوحدة، ودعم أي جهد في هذا الاتجاه، والحياد عند الاختلاف، هذا هو موقفي، وموقف كل الشعب الموريتاني.
أما بخصوص توتر علاقاتنا مع المغرب، فهو أمر مؤسف، والحقيقة أنه ليس خاصا بالمغرب، فهذا النظام أدخل البلاد في أزمات سياسية مع كل جيرانها، وعرض مصالح الشعب الموريتاني للخطر أكثر من مرة، ورمى بأوراقها الاستراتيجية عرض الحائط.
وباختصار فكما تلاعب النظام بمصالح الشعب والبلد داخليا، تلاعب كذلك بعلاقاته خارجيا، وأصبحت دبلوماسية البلاد انعكاسا لمزاج شخصي، عكر ومتقلب.
○ أيضا، قطعت موريتانيا علاقاتها مع قطر، واقتربت من محور السعودية وحلفائها؟
• ذكرت لكم آنفا، أن علاقات بلدنا الخارجية تخضع بكل أسف للمزاج، والمؤسف أن تصل الدبلوماسية الموريتانية والعلاقات الخارجية درجة توصف فيها بأنها «دبلوماسية متسولة».
قرار قطع العلاقات مع قطر، والانجراف والانحياز في خلافات الأشقاء خطأ فادح، وخطيئة دبلوماسية وسياسية، والطريقة الاستعجالية التي تم بها، لا تليق ببلد يحترم نفسه، ومواقف قطر وحجم دعمها لموريتانيا، وكذا مواقفها من قضايا الأمة تجعلها تستحق علينا وعلى كل الشرفاء الدعم والتأييد.
موقع موريتانيا كما أشرت سابقا هو ربط علاقات أخوية مع كل الأشقاء، والعمل على تعزيز الروابط مع الجميع، وأخذ مسافة من الجميع عند الخلاف، وتوجيه الجهود نحو تقريب وجهات النظر، وإعادة المياه بين الأشقاء إلى مجاريها. لكن للأسف النظام الحالي بدل أن يتبنى هذا الموقف والموقع الطبيعي لموريتانيا يرمي بها في كل خلاف، ويزج بها في كل مشكلة إقليمية، أو دولية، وهو ما ينافي الدبلوماسية، ويسيء لصورة موريتانيا، ويضر بمصالح الشعب والدولة.
القدس العربي