مندوب "المغرب" في الجامعة العربية : اتفاق عربي في "نواكشوط" أو سنندم جميعًا

أحد, 07/24/2016 - 20:24

قال السفير محمد سعد العلمى، سفير المغرب بالقاهرة ومندوبه لدى الجامعة العربية، إن الظرف العربى الذى تعقد فيه قمة نواكشوط العربية يستدعى قرارا واتفاقا فعليا حتى لا يندم العرب جميعا فى النهاية، مشددا على أن الشارع العربى أصبحت لديه نظرة سلبية على عمل الجامعة العربية، ووصل به الأمر إلى الإحباط.

وأكد العلمى أن بلاده اعتذرت عن عدم استضافة هذه القمة بعد يقين من أن شيئا لن يتغير، وأنها ستكون لتبادل التحية والمحبة والأخوة وإلقاء الخطب، ثم ينتهى المؤتمر عند هذا الحد. وأضاف العلمى، فى حواره لـ«البوابة،» أن اعتذار بلاده عن عدم استضافة القمة العربية فى دورتها السابعة والعشرين، لا يعنى أن المغرب سيغير من طبيعة مشاركته فى القمة أو عدم الاهتمام بها، مؤكدا على أن تمثيله فى هذه الدورة لن يختلف عن الأعوام السابقة. ■ ما طبيعة مشاركة المغرب فى القمة العربية التى بدأت بنواكشوط أعمالها فعلا ولاسيما أنها جاءت بعد رفضه استضافتها فى مراكش؟

 المغرب اعتذر عن عدم استضافة القمة وهذا الموضوع أوضحناه وبينا موقفنا بكل وضوح، فالمغرب حينما اعتذر أوضح السبب وقال بكل صراحة إنه لا يريد أن يحتضن مؤتمرا ينعقد فقط من أجل أن ينعقد لنتبادل التحية والمحبة والأخوة ونلقى الخطب، وينتهى المؤتمر عند هذا الحد، والمغرب أوضح أن الظرف العصيب الذى تمر به المنطقة والعالم بأسره يقتضى معالجة أخرى، عبر اتخاذ قرارات مدروسة وعملية، وتصب فى اتجاه خدمة مصالح القومية العربية، ومواجهة التحديات والرهانات المطروحة والتى يقر بها الجميع.

■ وما رأيك فى من اعتبرها فضحا لواقع عربى مأسوف؟

 نعم، وهى كانت رسالة مفتوحة إلى الجميع، وهذا أيضا لا يعنى أنه إما أن تأخذوا برأيى أو أنى سأترك الميدان، فهذا ليس من أخلاق المغرب، ونحن نقول رأينا فقط. ■ لكن رغم ذلك ستشاركون فى القمة؟

 طبعا.

■ هناك تساؤل شبه سنوى يخرج مع موعد انعقاد القمة العربية: لماذا يغيب الملك دائما عنها ولا يشارك بها؟
 أنا قلت الرسالة، فهو يغيب لأنه مقتنع أنه إذا كان الاجتماع من أجل الاجتماع، وبدون نتيجة فما الداعى للذهاب إليه؟، لكن إذا كان الأمر فى حضور المغرب، فالمغرب يحضر على أى مستوى، سواء على مستوى رئيس الحكومة، أو على مستوى شقيق الملك، وهكذا.

■ لكن أيضا إذا كانت هذه هى فكرة المغرب منذ البداية فلم طرحتم استضافة القمة أصلا؟

 لا، ليس الأمر كذلك، القمة هذه دورتها السابعة والعشرون، والمغرب سبق أن احتضن ستة مؤتمرات للقمة العربية، كانت كلها حاسمة وصدرت عنها قرارات مؤثرة، وحرص على أن يكون له حضوره وكان لهذه المؤتمرات تأثير راسخ فى تاريخ القمم حتى الآن، لكن كان الواقع العربى يختلف عن الواقع العربى الراهن، وبالتالى فإن المغرب لم يتهرب فى أى وقت من الأوقات من مسئولياته، حيث فى حرب الـ ٦٧ كان الجيش المغربى حاضرا، وكذلك فى ٧٣، وفى كل المحطات الأساسية، فالاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعى للشعب الفلسطينى جرى بالمغرب، والمبادرة العربية انطلقت من فاس، فالقرارات الحاسمة فى تاريخ القمم العربية أغلبها اتخذ فى المغرب، وبالتالى فإنه يكون حاضرا دائما وبكل قوة حينما تكون الظروف مهيأة لاتخاذ قرارات حاسمة.

■ هل يعنى ذلك أن الاجتماعات التحضيرية للقمة التى جرت فى الجامعة العربية قبيل الاعتذار لم تستشف منها أو من أوراق القمة أنها قد تحدث أى تغيير على أرض الواقع؟
 تماما، ولا حتى الآن.

■ وهى نفسها الأوراق التى ستطرح فى قمة نواكشوط بالأساس؟

 نعم، وأود أن أقول إنه حتى بما فيه من وثائق ظلت تدرس لعدة سنوات وحتى الآن، وهى وثائق كثيرة تناقش، ولا طائل من ذلك، فليست هناك الإرادة الحقيقية فى تغيير هذا الواقع الذى نعيشه، وحينما تتوفر هذه الإرادة فقط يمكن إحداث تأثير.

■ وكيف يمكن لهذه الإرادة أن تتوفر عربيًا؟

 نتمنى من الله أن نتعظ ونتعلم من هذه المأساة وتكون لنا عبرة حتى لا ننحدر بشكل أكثر مما نحن فيه الآن، فسوريا لم يبقَ فيها شيء وخربت بالكامل، والعراق لم يبق فيه شيء، ليبيا تنتظر الأسوأ، وكذلك اليمن، ومناطق أخرى قد تكون الآن هادئة لكن من يضمن أنها قد تكون فى الغد بعيدة عن الانفجار، كل هذا يحتاج إرادة عربية لتدارك الأمر قبل فوات الأوان.

■ هل من رسالة توجهها المملكة المغربية إلى قمة نواكشوط على غرار رسالة الملك للاتحاد الإفريقى لحث العرب على توحيد الصف قبل فوات الأوان؟

 النداء سيظل يوجه إلى تضامن أكثر فاعلية، وإلى عمل مشترك أكثر مردودية، وإلى تنسيق فى مختلف المجالات والميادين، وهذا شيء سنظل ننادى به ونعمل من أجله، وكلمة المغرب ستكون فى هذا المنحى نحن سنؤكد على ضرورة اتخاذ قرار عربى موحد لمواجهة التحديات قبل أن نندم.

■ ما تأثير التغيير الذى طرأ مؤخرا على الجامعة العربية تزامنا مع انتخاب أمين عام جديد على مسار الجامعة أو تحريك لمياهها الراكدة؟

 نرجو ذلك فى الحقيقة، ونرجو للأمين العام الجديد السيد أحمد أبو الغيط، الذى يأتى فى هذا الظرف العصيب، أن يكون مجيئه مساعدا فى تحريك هذه البركة الراكدة، وهو له من المؤهلات ما يساعد على ذلك، ونرجو أن يكون الوعى العربى قد وصل إلى المستوى الذى يتجاوب كذلك مع ما يتطلبه الوضع من إقدام وجرأة فى مواجهات مختلفة. ■ ما الذى لمسته من الأمين العام الجديد خلال اجتماع مجلس الجامعة التشاورى الأول؟

 هو يؤكد إرادته فى عمل عربى ناجح، واستعداده للانخراط فى هذا العمل، ونواياه طيبة وصادقة، ولكن الأمين العام بمفرده، وإذا لم يكن معززا بإرادة الدول التى تدعمه وتسانده لن يأتى بنتيجة أو تأثير، وهذا لابد من الاعتراف به. ■ متى برأيك يمكن للمغرب أن يطلب مجددا استضافة القمة العربية؟

 إذا تهيأ مناخ جدى ممكن أن نطلب ذلك فى السنة المقبلة، ونرجو أن يتهيأ هذا المناخ من خلال وعى كل الأطراف بفداحة وجسامة الأحداث التى يواجهها الوطن العربى، وثانيا بدينامية يمكن أن تنطلق مع انتخاب أمين عام جديد ومع اجتماع القمة العربية فى نواكشوط، والتى شعارها هو الأمل، لذلك فلنذهب لهذه القمة، ونحن يحدونا الأمل لتكون بداية لعمل جديد بروح جديدة وبإرادة جديدة قوية.

■ خرجت أحاديث عن أن اعتذار المغرب عن عدم استضافة القمة جاء فى إطار توصية من المخابرات المغربية أيضا؟

 غير صحيح على الإطلاق، إنما هو انطلق من تحليل للواقع العربى، لكن الحمد لله الظروف الأمنية فى المغرب مهيأة، وليس لدينا أى تخوف أمنى.

■ ربما الأمر بسبب رفض على مستوى الشارع للقمة وحتى إنه خرجت دعوات بعدم استضافتها؟

 لا إطلاقا، الشارع المغربى مثله مثل الشارع العربى، لكن قد يكون هناك قناعة أن القمة لا يمكن أن تسفر عن شيء، وهذا بالمناسبة لدى الشارع العربى كله الذى يرى أن القمم العربية لا تسفر عن شيء، ولا اختلاف بين الرأى العام الوطنى فى أى بلد والرأى العام العربى فى كل البلدان، فالشارع العربى أصبحت لديه نظره سلبية على العمل العربى والجامعة العربية، ووصل به الأمر إلى الإحباط، وهذا شيء مقلق بالمناسبة، ولابد من تدارك ذلك، قبل أن يدخل هذا الإحباط لمرحلة اليأس ووقته سيكون شيئا خطيرا، ونحن كلنا أمل أن نشرع فى مرحلة جديدة تعيد ثقة الشارع العربى فى الجامعة العربية، ليكون لدى الجميع يقين مستمر على أن مصلحتنا فى وحدتنا، وأن أمننا من أمننا القومى العربى، وأنه لا سبيل لنا إلا تكثيف جهودنا لنتضامن ونتوحد.

■ إضافة إلى إطار القمة العربية فهناك إطار إفريقى خاص بالقمة الإفريقية التى اختتمت أخيرا.. وتابعنا لأول مرة بعد قطيعة قرابة ٣٢ عاما رسالة الملك إلى الاتحاد الإفريقى.. هل تمثل الرسالة عودة فعلية إلى الاتحاد؟
 هى رسالة قوية ترسى مرحلة جديدة فى علاقة المغرب مع القارة الإفريقية، وفى معالجة قضية الوحدة الترابية للمغرب، فالمغرب انسحب من منظمة الوحدة الإفريقية فى العام ١٩٨٤ كما هو معروف، لأن المنظمة حين ذاك لجأت إلى القبول بكيان نعتبره وهميا كدولة لا تتوفر على أى مقوم من مقومات السيادة، ليس لها تراب، ولا حكم، ولا أى شيء يمثل الدولة، فقط بعض اللاجئين فوق التراب الجزائري- وجاء الأمر حتى فى خرق للشرعية الدولية لأن المطروح وقتها كان تقرير المصير، وقبل أن يتم تقرير المصير أو الاستفتاء الذى كان من المقرر أن يتم، وكان مطروحا وقتها، لجأت المنظمة إلى أن تقوم بقبول كيان لا يتوفر له أى مقومات للدولة، وبالتالى كان الرد الطبيعى آنذاك للمغرب أن ينسحب لأنه لا يمكن أن يشارك فى شيء هو بمثابة مهزلة.

■ لكن ما حالة التغيير التى أدت بالمغرب للبدء فى خطوته الجديدة بالانخراط فى قلب الاتحاد الإفريقى والعودة إليه؟
 بالتأكيد تغير الكثير جدا، فأولا منظمة الوحدة الإفريقية أصبحت الاتحاد الإفريقى وحين ذاك كانت فى مرحلة البداية، فلم يكن قد مر أكثر من عشر سنوات على تأسيس المنظمة، ورسالة الملك حتى تسميها على أنها كانت مرحلة مراهقة، فلم تكتمل مرحلة نضجها، وبالتالى وقع ما وقع الآن، ونحن الآن أمام كيان مؤسسى جديد يحظى بمصداقية أكبر من منظمة الوحدة، ثانيا فإن الواقع على مستوى قارة إفريقيا نفسه تغير، وهذا ما شرحته كذلك الرسالة الملكية، وذلك من حيث عدد الدول التى اعترفت آنذاك بهذا الكيان كدولة، وبسحب الاعترافات التى تمت، فالآن من بين دول منظمة الاتحاد الإفريقى لم يتبق أكثر من ١٠ دول، ما زالت تعترف بهذا الكيان، عوضا عن الـ٢٦ التى كانت فى السابق، وكذلك تراجع فى الاعترافات الدولية، فمن العام ٢٠٠٠ وحتى الآن هناك ٣٦ دولة قد سحبت اعترافها، وآخرها زامبيا التى سحبت الاعتراف مؤخرا، وبالتالى فإن العالم تعرف على حقائق الأشياء، ودول فى هذا الإطار بدأت تصحح مواقفها وتقتنع بأن الأمر يتعلق بنزاع إقليمى بين دول الإقليم، وأساسا الخلاف تغذيه الجزائر كدولة فى الإقليم لأغراض تتعرض بالجزائر أساسا، وبالتالى هناك مساع للأمم المتحدة لتؤكد منذ ٢٠٠٤ قرارات مجلس الأمن المتوالية التى أولا تنوه بالمبادرة التى اتخذها المغرب فى النزاع، والمتعلقة بإقامة حكم ذاتى يعطى لسكان المنطقة صلاحيات واسعة تشريعية وتنفيذية وقضائية فى إطار الحكم الذاتى، وهذه المبادرة اعتبرها مجلس الأمن مبادرة جادة وذات مصداقية وأنها قابلة لأن تكون إطارا لحل نهائى للنزاع، والأمم المتحدة ومجلس الأمن سائرة فى هذا الاتجاه، وبالتالى فالمفروض أن إفريقيا تواجه الجهود الدولية للوصول إلى حل نهائى للنزاع ليرضى كل الأطراف بالانخراط فى المساعى التى تقوم بها مختلف القوى الدولية، والآن الصراع كان فى إطار معطيات دولية لم تعد قائمة لأنه نشأ فى ظل الحرب الباردة والنزاع بين قوتين، وهذا انتهى فى العالم وبالتالى فإن هناك معطيات مغايرة تماما ينبغى أن تؤخذ بعين الاعتبار، وبالتالى فهناك معطيات جديدة على مستوى القارة يعتبر أنها ستساعد على أن إفريقيا ستعمل على تصحيح الخطأ الذى تم من قبل منظمة الوحدة الإفريقية، وهذا ما يبدو واضحا فى رسالة الملك.

■ إذن الرسالة حملت مُحددات لابد منها للعودة أو أنها فعلا تعنى عودة المغرب للاتحاد كما يرى البعض؟
 الرسالة واضحة، ويمكن تلخيصها فى أنه نعم إننا لم ننقطع فى أى وقت من الأوقات عن إفريقيا، ومقتنعون بالعمل داخل إفريقيا، ومقتنعون بأن الاتحاد الإفريقى له دور ينبغى أن يقوم به، وهذا الدور سنلتحق لنعززه وأننا واثقون بأن حكمة إفريقيا ستقتضى أن تصحح ما وقع من أخطاء، وبالتالى فإذًا نحن سنأتى، وأنتم لابد أن تصححوا الخطأ، وهذه هى الرسالة، فالمغرب حتى الآن لم يحضر مؤتمر القمة، إنما هو وجه رسالة يعبر فيها عن إرادته القوية فى تعزيز عمله على مستوى القارة الإفريقية، وعودة للاتحاد الإفريقى كمؤسسة تجمع الأفارقة إذا ما جرت أمور. ■ إذًا العودة مرتهنة بمسألة إخراج الصحراء من الاتحاد فى الأساس؟

 هى كذلك، نحن كمغرب سنتخذ هذه الخطوة وننتظر من الاتحاد الإفريقى أن يتخذ كذلك خطوة إزاء ذلك الأمر. ■ لكن السؤال الذى يطرح نفسه أى الخطوتين أولا.. عودتكم للاتحاد الإفريقى أم إخراج الصحراء؟
 هذا هو مجال الدبلوماسية حاليا الذى سنبدأ فيه، فالمسألة ليست فى أننا سندخل غدا ونحتل مقعدنا، أبدا، فهذا الأمر قد يستغرق شهورًا، وربما أسابيع، وقد يبلغ سنوات