لهذه الأسباب فشلت السياسية الإعلامية للنظام / سعدبوه ولد الشيخ محمد

سبت, 05/28/2016 - 23:07

إذا كانت الدبابات، والصواريخ، والطائرات هي أسلحة الحروب التقليدة، فإن الإعلام: (والصوت، والصورة، والنص) هي أفضل الأسلحة لحسم المعارك السياسية، فأي مشروع سياسي مهما كان ناجحا، وناجعا إذا لم يتوفر على آلة إعلامية محترفة لتسويقه لن يكتب له القبول بين البشر، وفي المقابل إذا كان

 المشروع السياسي فاشلا، وحظي بدعاية إعلامية صحيحة سينجح في فرض نفسه على الناس، عن طريق أدوات، وفنيات يعرفها أهل الاختصاص.
فور وصوله للسلطة، كان واضحا أن محمد ولد عبد العزيز قرر فتح الفضاء الإعلامي على مصراعيه، مرئيه، ومسموعه، ومقروئه، علما أن التحكم في الإعلام أصلا بات مهمة مستحيلة، وما هو متاح هو استغلاله، وتوجيهه، استغل خصوم ولد عبد العزيز الإعلام بكل أصنافه، وبعضهم بات يمتلك "امبراطورية" إعلامية متكاملة، بقناة تلفزيونية، وصحف، ومواقع إلكترونية نشطة، ومئات من جنود الفيسبوك المجندين، أو المدجنين.
في مقابل ذلك تبدو السياسة الإعلامية في معسكر النظام مفتقدة لعناصر النجاح، وتتوفر على كل أسباب الفشل، بدء من غياب الرؤية، والاستراتيجية الواضحة المعالم، مرورا بعدم استشعار المسؤولية، وليس انتهاء بالصراعات القوية بين أقطاب أنصار النظام، حتى بات داعمو النظام أشبه ب"المليشيات" المتناحرة فيما بينها، وكتائب متعددة، تتنافس في إقصاء خصمها، وتهميشه، وليس في الدفاع عن النظام، ودعمه.
لا نريد هنا أن نذكر الكتائب بزعاماتها، فالظاهرة باتت واضحة، وضوح "خطاب النعمه" ولا تحتاج لشرح، والأخطر من ذلك أن تداعيات صراع أنصار النظام في المسرح الإعلامي بات يؤثر بشكل سلبي على النظام، وسياسته، ويساعد المعارضة على إنكار إنجازاته، أو تشويهها، وتدنيس صورته، والمفارقة أنه يوجد في القصر الرئاسي مستشار إعلامي، وفي كل وزارة يوجد مسؤول مكلف بالإعلام، وفي كل مؤسسة كذلك، ومع ذلك فمسؤولو الإعلام هؤلاء لا دور لهم يذكر، فهم لا يذكرون النظام إلا قليلا، وإذا قاموا للصحافة، ووسائل الإعلام قاموا كسالى، أما على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، فعجز النظام أكثر وضوحا، فمعظم كبار المدونين هم المعارضة، أو المستقلين الأقرب إلى المعارضة، في حين أن معظم الحسابات المستعارة محسوبة على النظام، في انعكاس لما ذكرنا من صراع الأجنحة داخل معسكر النظام.
ويرى المتابعون للمشهد الوطني أن نظام ولد عبد العزيز أمام مفترق طرق، فإما أن يعيد النظر في استراتيجيته الإعلامية، ويستعين بخبراء المجال في الداخل، وليس من فرنسا، ويستقطب أصحاب الأقلام البارعة، والأصوات المقنعة، والأفكار البناءة، والأهم أن يملأ النظام الفراغ الإعلامي في البلد بوجهة نظره، فالإعلام مثل السيف، إذا لم تقطعه قطك، إذا لم تشغله برأيك، ولمصلحتك، سيفعل ذلك خصومك، ويحيدوك عن المشهد، وإما أن يستمر النظام في تجاهل دور الإعلام، وتركه لأشخاص يظهرون الولاء للنظام، لكنهم – عن قصد، أو عن غير قصد- يسيؤون للنظام، أكثر مما يخدمونه.