موريتانيا: ارتفاع الأسعار يرهق المواطنين… وخطط حكومية لاحتواء الأزمة

خميس, 09/16/2021 - 16:39

نواكشوط – الأناضول: شهدت أسعار المواد الغذائية الأساسية خلال الأشهر الأخيرة في موريتانيا ارتفاعاً غير مسبوق تراوح بين 10 إلى 30 في المئة، رغم تراجع استهلاك المواطنين، جراء تداعيات الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا.
ووفق ما أعلنت هيئات غير حكومية وأحزاب سياسية، ارتفعت خلال الأشهر الأخيرة أسعار بعض المواد الأساسية، ومن بينها الأرز والسكر والألبان والزيوت والخضروات والقمح والأسماك واللحوم، بشكل كبير.
وعلى مدى الأسابيع الأخيرة، سيطرت قضية ارتفاع الأسعار على اهتمامات الرأي العام في هذا البلد، الذي يعيش 31 في المئة من سكانه البالغ عددهم 4 ملايين نسمة تحت خط الفقر.
وأصدرت العديد من المنظمات النقابية البارزة والأحزاب السياسية بيات شديدة اللهجة، حذرت فيها من مخاطر تهدد البلد إذا لم يتم احتواء أزمة ارتفاع الأسعار.
واعتبرت «النقابة الحرة لعمال موريتانيا» و»النقابة الوطنية للشغيلة الموريتانية» أن «السياسية المرتبكة للحكومة» وراء الارتفاع غير المسبوق لأسعار المواد الأساسية.
وقالت النقابتان في بيان مشترك الأسبوع الماضي إن «الارتفاع في الأسعار يزيد من الأوضاع الاقتصادية السيئة للعمالة الموريتانية المحلية، التي تعاني أصلا من تدني الأجور، وضعف القوة الشرائية».
وشددتا على أن هذا الوضع «ينذر بحدوث كارثة، ما لم تتخذ السلطات الإجراءات اللازمة لمنع ذلك». وأشارتا إلى أن السنة الحالية شهدت «ارتفاعاً لافتاً في أسعار المواد الاستهلاكية، والمواد الضرورية الأخرى…وبمقارنة بسيطة بين أسعار مواد كالزيت والسكر واللبن يتبين أن أسعار بعضها تجاوز 50 في المئة في هذه السنة».
وأضافت النقابتان أن هذا الارتفاع يأتي «في وقت يواصل فيه وباء كورونا تأثيره على دخول فئات واسعة من المجتمع، علاوة على ارتفاع أسعار الخدمات عموماً في البلد».
من جهتها، قالت «النقابة العامة لعمال موريتانيا» أن الوقت حان لاتخاذ السلطات العمومية قراراً حاسماً بشأن تنظيم السوق وحماية القوة الشرائية للأسر التي تعيش الغالبية العظمى منها تحت خط الفقر.
وأضافت في بيان إنه «لم يعد في الإمكان تبرير استمرار الدولة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة والضرائب الجمركية الأخرى على المواد الغذائية الأساسية والتخلي عن مراقبة الأسعار».
من جهتها أعلنت الحكومة عن خطة وصفتها بـ»المستعجلة» لاحتواء أزمة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.
وقال وزير الصيد والاقتصاد البحري، ادي ولد الزين، في مؤتمر صحافي أن الحكومة اتخذت إجراءات هامة بخفض أسعار المواد الأساسية بنسبة تفوق 10 في المئة، مضيفاً أنه تم تشكيل لجنة خاصة لمتابعة موضوع الأسعار.
وفي التاسع من الشهر الجاري الجاري ترأس رئيس الحكومة، محمد ولد بلال، اجتماعا ضم عدداً من الوزراء لبحث أزمة ارتفاع الأسعار.
وصدر بيان في ختام الاجتماع أعلنت الحكومة فيه عن تشكيل لجنة لمتابعة الأسواق ومدها بالوسائل العملية الكفيلة بتمكينها من القيام بالمهمة المسندة إليها.
كما أعلنت ضخ ألف طن من الأسماك في الأسواق شهريا وبيعها بخمسة أواق (حوالي 0.4 دولار) للكيلوغرام الواحد.
كما أعلنت الحكومة عن اتفاق مع الجزارين لتخفيض أسعار اللحوم الحمراء، إضافة إلى إنشاء دكاكين حكومية تبيع بعض المواد الاستهلاكية بأسعار مخفضة.
وقالت أنها استكملت كل المتطلبات الإجرائية والقانونية الضرورية للبدء في التنفيذ الفوري والصارم للتدابير المتخذة للحد من ارتفاع الأسعار.
ويرى الخليل ولد خيري، رئيس «منتدى المستهلك الموريتاني» أن الارتفاع الحاصل في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية يعود للاحتكار والمضاربات التي يقوم بها التجار.
وأشار في تصريح أمس الأربعاء إلى أن موردي المواد الاستهلاكية الأساسية لا يتجاوزن 10 تجار، مضيفا أن هؤلاء التجار تعودوا التحكم في السوق ويمارسون الاحتكار والمضاربات.
وتابع القول «الارتفاع الحاصل في الأسعار جزء منه يعود لأسباب الغلاء على الصعيد العالمي، لكن الجزء الأكبر منه يعود لتحكم التجار الكبار في السوق واحتكارهم لاستيراد المواد الأساسية».
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «فاو» إن أسعار الغذاء العالمية ارتفعت في أغسطس/آب الماضي بعد شهرين من التراجع.
وجاء في تقريرها الشهري أن المؤشر صعد بنسبة 3.1 في المئة من 123.5 نقطة في يوليو/تموز السابق، بينما ارتفع بنسبة 32.9 في المئة على أساس سنوي.
وارتفعت أسعار الحبوب خلال الشهر الماضي بنسبة 31.1 في المئة على أساس سنوي، فيما زادت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 6.7 في المئة.
وسجل السكر ارتفاعا بنسبة 9.6 في المئة الشهر الماضي على أساس سنوي، مسجلا زيادة للشهر الخامس على التوالي. في المقابل، سجلت منتجات الألبان انخفاضا بنسبة 13.6 في المئة على أساس سنوي خلال أغسطس/آب الماضي.
في نوفمبر/تشرين ثاني من العام الماضي، وصف البنك الدولي الاقتصاد الموريتاني بأنه «بالغ الحساسية للصدمات الخارجية كاضطراب أسعار المواد الأولية والظروف المناخية والأزمات السياسية» مردفا أنه «يعتمد على المساعدات الدولية».
وقال في تقريره السنوي أن موريتانيا تصنف «ضمن الدول الأقل تطوراً حيث تحتل المرتبة 160 من أصل 189 دولة حسب الترتيب العام المعتمد على مؤشر التنمية البشرية».
لكنه لفت إلى أن مستوى الفقر انخفض في موريتانيا سنة 2014 من 42 في المئة من مجموع السكان إلى 31 في المئة.